3 -التنافس الامبريالي والحرب العالمية الأولى
مقدمـة:
أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها أوربا الغربية خلال
القرن 19 إلى اتجاه دولها نحو التنافس حول المستعمرات، مما أدى إلى
توثر العلاقات الدولية واندلاع الحرب العالمية الأولى.
- فما هي أهم مظاهر التنافس الإمبريالي ووسائله؟
- وما هي الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى؟
І ـ مظاهر التنافس الإمبريالي ووسائله:
1- تعددت مظاهر التوسع الإمبريالي:
تطورت الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19 نحو التوسع الامبريالي للحصول على المواد الأولية
وتصريف المنتجات الصناعية، فظهرت قوى استعمارية تتنافس حول تقسيم مناطق النفوذ (فرنسا
إنجلترا، ألمانيا روسيا...).
وقد تركز التنافس في البداية حول إفريقيا خاصة بعد احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830م، ثم اتجه
نحو المناطق الحيوية بآسيا كالهند.
تعددت مظاهر التنافس الإمبريالي واختلفت ما بين تنافس اقتصادي يسعى للاستيلاء على المواد الأولية
وأسواق المواد المصنعة ومجالات تصريف الفائض المالي، وتنافس سياسي تجلى في ظهور نزاعات
إقليمية وترابية بين مجموعة من الدول غذتها النعرات القومية والحسابات الإقليمية.
جودته فارتفعت قيمة الصادرات الأوربية نحو الخارج.
2- اختلفت أساليب ووسائل التوسع الإمبريالي:
لتحقيق أطماعها التوسعية نهجت الدول الإمبريالية عدة أساليب منها:
سياسة التحالفات للتنسيق ومواجهة الأطراف المعادية، ويمكن التمييز خلال هذه المرحلة ما بين نظام
الأحلاف البيسماركي بقيادة ألمانيا مع روسيا والنمسا (1881، 1884، 1887م)، ثم مع النمسا وإيطاليا
سنة 1882، مقابل الحلف الفرنسي مع إنجلترا وروسيا (1981، 1907م).
بالإضافة إلى سياسة الأحلاف نهجت الدول الاستعمارية أسلوب المؤتمرات والاتفاقيات والمعاهدات
التجارية والاستعمارية لتسوية خلافاتها وتوزيع مناطق نفوذها كمؤتمرات برلين (1876، 1885)
مؤتمر مدريد (1880)، مؤتمر الجزيرة الخضراء (1906)، ثم أخيرا الاتفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا
سنة 1904 لتسوية خلافاتهما حول مصر والمغرب.
كان التسابق نحو التسلح تحسبا لحرب محتملة من الوسائل التي نهجتها كل الأحلاف، وتجلى ذلك في
تطوير القدرات البشرية والعسكرية وتطوير الصناعات الحربية.
استعملت الدول الامبريالية كذلك أسلوب التغلغل الاقتصادي عن طريق توظيف رؤوس الأموال وتطوير
شبكة المواصلات وإبرام المعاهدات التجارية مع الدول المستهدفة.
ІІ – الأزمات الدولية واندلاع الحرب العالمية الأولى:
1- الأزمات السياسية الكبرى:
شكلت الأزمة المغربية الأولى (1905) والثانية (1908) إحدى أهم الأزمات التي وثرت الوضع الدولي
قبل الحرب.
كانت زيارة كيوم الثاني لمدينة طنجة دفاعا عن المصالح التجارية الألمانية وتأكيد استقلال المغرب سببا
في اندلاع الأزمة الأولى، أما أزمة 1908 فنتجت عن نزول البارجة الألمانية Panther بميناء أكادير
احتجاجا على التدخل العسكري الفرنسي بفاس.
نتجت أزمة البلقان الأولى (1908) عن ضم النمسا للبوسنة والهرسك مما أثار احتجاج الصرب
أما أزمة البلقان الثانية (1913)، فجاءت بسبب اشتداد النزعات القومية ضد تركيا وتضارب المصالح
بشرق أوربا (صربيا، بلغاريا، اليونان، تركيا).
2- اندلاع الحرب العالمية الأولى:
شكل اغتيال طالب صربي لولي عهد النمسا فرانسوا فرديناند وزوجته خلال زيارتهما لصربيا يوم
24 يونيو 1914 وفرض النمسا لشروط تمس بسادة وهيبة صربيا سببا مباشرا في اندلاع الحرب
العالمية الأولى بأوربا بعد أن كانت الأحلاف المشكلة تنتظر ذريعة تحقيق أطماعها التوسعية، حيث
سيطرت اليابان على مناطق بالشرق الأقصى والتحقت الولايات المتحدة بالحرب بجانب الحلفاء
سنة 1917، في وقت خرجت منها روسيا بعد توقيع الاشتراكيين لمعاهدة هدنة مع ألمانيا، لتنتهي
الحرب بانتصار الحلفاء بعد انهزام ألمانيا سنة 1918.
خاتمـة:
أدى التنافس الامبريالي واشتداد التناقضات والأزمات العالمية إلى اندلاع الحرب
العالمية الأولى التي خلفت خسائر بشرية واقتصادية وتحولات سياسية واجتماعية.